هوامش على مؤتمر الرئيس السابق/ عثمان جدو

خميس, 29/04/2021 - 09:33

يكفي لأي كان إذا نظر إلى خلفية الرئيس السابق خلال مؤتمره الأخير؛ بعد دخوله تحت الجناح المكسور لرئيس حزب الرباط؛ أن يدرك حجم التغير من حوله، ومستوى الهبوط دون أن يدرك الرئيس السابق نفسه ذلك!؛

فالرجل في فترة ماضية ليست ببعيدة كان يجلس خلفه رجلان لهما بعض الوزن السياسي الذي قد يعول عليه نسبيا في دائرة انتخابية أو اثنتين؛على الأقل، وأعني هنا كما يدرك الجميع ولد هميد وولد محمد خونة، أما الآن ففي الخلفية سيدة مطمورة سياسيا وعن اليمين مفلس سياسي أكدت على ذلك كل الانتخابات الماضية؛ وحول الجميع حيارى وتائهون لا يدرون هم أنفسهم بماذا يتعلقون!.

من المؤسف أن هذا الرجل الذي حكم البلاد لما يزيد على عقد من الزمن لا يستطيع بعقله أن يدرك أنه يعيش خدعة سياسية هو مهندسها!، ولا يقبل أن يتعظ حتى وإن تحول شيطانه إلى واعظ !، فلو أنه فهم أن الرؤساء السابقين الذين كان حظهم دائما أسفل الترتيب في الانتخابات التي شاركوا فيها في الزمن الماضي؛ كانوا أكثر قيمة واعتبارا عند المواطن منه؛ لما أجهد نفسه وأطال سكرات الوهم على غيره، ولنا في مشاركة المرحوم اعل ولد محمد فال؛ محبوب الموظفين، المحترم عند المواطنين، العاقل الرزين خير مثال على ما نقول في هذه الجزئية، إذ لم يشفع له كل ذلك عند صناديق الاقتراع بعد خروجه عن دائرة السلطة، والحال أيضا مع هيدالة  وغيره؛

ولم يفهم عزيز أنه عكس هؤلاء الرؤساء السابقين أصبح منبوذا عند المواطنين علنا، وإن كان جلهم في الماضي يحتفظ له بذلك في نفسه، أضمر ذلك السوي خوفا على نفسه ومصالحه، وأخفاه المنافقون والنفعيون عنه حبا في ما تحت يده حينئذ؛ وخوفا أيضا من حماقاته التي لا تعرف ارتداداتها حدودا، وهذه الجزئية تَوصّل إليها هو بعبقريته الليلة البارحة حين قال إن الذين كانوا يطالبونه بمأمورية ثالثة كان محركهم ذلك، ولم يمارس شجاعته المتهورة ويصدقنا القول أنه أُرغم على قطع تلك الدعاية للمأمورية الثالثة وأصدر بيانا على عجل وهو خارج البلاد؛ فما أعجله عن قومه إن كان له كل الأمر؟.

تحدث الرئيس السابق عن ما يحدث الآن من تجسيد لاستقلال القضاء وفصل للسلط؛ أنه إثارة للشارع ضده وأن الفساد لم يكن موجود في عهده، وأنه كان كل أسبوع يجر إلى السجن مختلس أو ناهب للمال العام!!، عجيب أمر هذا الرجل الذي يدرك قبل غيره حقيقة ما كان يقوم به من صرف للأنظار عن الاختلاس الحقيقي والنهب الكبير الممنهج والذي كشفت التحقيقات حوله عن هذه الثروة الضخمة في يد من لم يكن يسحب أوقية من راتبه ولم يخوله القانون يوما مزاولة نشاط تجاري، ولم يكن يوم مجيئه للسلطة يملك غير كبده، ولا هو محاط بغير سمسار تعود عليه وساطة بيع سيارة بما يشتري به علبة سيجارة، و سيدة تُنعم على نفسها بتنعيم أجساد نسوة ألفن ارتياد حمامها!، وهي الآن والمذكور قبلها من أثرى أثرياء البلد؛ طبعا من مال المواطن المسكين ومن تحويل اللقمة عن فمه إلى جيوب تتكدس فيها الأموال المنهوبة تحت أسماء هؤلاء!.

عن أي مؤامرة يتحدث الرئيس السابق؟ وعن أي حرية تعبير يتحدث وهو الذي منع العميد ماموني وغيره من الإعلاميين من حقوقهم المشروعة قهرا وتعنتا، وهو الذي عزل القضاة لمخالفتهم مزاجه وشرّد الدعاة وأغلق هيئاتهم!؟.

تحدث عن المخدرات والجريمة والطعن وغيرها وهي أمور لا يستطيع أحد أن يصمت حيال تناميها مهما كانت أسباب ذلك، وأيا يكن ظرفه، لكن اللافت أن عزيز نسي أنه وبالتسجيلات الموثقة كان أحد رعاة التهريب والمخدرات، ورحم الله العميد بدر الدين وغيره ممن تجرؤوا على النبش في الموضوع أيام قوة الرجل ومنعته.

صحيح أنه خلال عشرية الرجل كان كل أسبوع يجر إلى السجن مجرور لكنه غالبا ما يكون مظلوما، وكبش فداء للإلهاء عن اللص الكبير الذي نهب الوطن واستولى على كل مقدراته؛ وترك اليتامى في صراخ دائم، والأرامل في مسألة لا تنقطع، فكل ما نشاهده اليوم من مظاهر البؤس هو نتاج حتمي لتلك المرحلة التي لن تتحرر الدولة من تبعاتها قريبا، والتي يأتي في طليعتها تنبيها واستئناسا حجم الديون الخارجية التي تجاوزت كل العتبات دون أن تنعكس بذات الحجم على المواطن الذي تُسجل على ظهره وتؤخذ باسمه غصبا عنه.  

حديث الرئيس السابق عن زيادة ميزانية التسيير في عهد غيره باعتبارها مذمة يعيد إلى الأذهان تضييقه على كل شيء سوى على نفسه والمنتفعين من محيطه الضيق، فلقد بلغ ذلك بالرجل حد تعطيل الإدارات وسحب ما هو ضروري لعملهم الخِدمي، حتى انتزع التسيير الزهيد لمفتشيات التعليم واسترجع السيارات التي كانت ضرورية للتفتيش والتأطير ومع ذلك كان رافعا لشعار التعليم في عام التعليم!.

كون الرجل يبدي بياض العذار من وجهه ويزيد إظهار صفحة عنقه في حديثه عن التعازي في الرئيس السابق المرحوم سيدي ولد الشيخ عبد الله، ويتعنت على تعمده عدم التعازي فيه، مع إصراره في الأيام القليلة الماضية على طلب السماح له بالمغادرة إلى تشييع جثمان رئيس دولة خارج البلاد، كل ذلك فيه ما يكفي لكشف طبيعة الطوية.       

 

 

إعلانات

 

 

 

تابعنا على فيسبوك